الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب عن الشهيــد سعيـد الغزلاني ومــــدمّــــري الآمــــال

نشر في  09 نوفمبر 2016  (09:45)

استشهد الجندي سعد الغزلاني من أجل تونس، إذ اغتالته مجموعة ارهابية وقد قتله أخوه في الرّضاعة الذي احتضنته والدة سعد.. هذه دراما شكسبيرية أو اغريقيّة ضحيّتها جندي تونسي وعائلته وكل شعب هذه البلاد..
في البداية، هناك سؤال بديهي يتعلّق بالارهاب: هل تتمّ مراقبة كلّ النّقاط الكبرى والصغرى التي تعرض المواد الغذائيّة أو الأدوية في الولايات المعرّضة أكثر من غيرها للعمليات الارهابيّة؟ هل وقعت مراقبة كل المساجد والنوادي والأحزاب التي تحوم حولها  شبهات في العنف والتشدد والارهاب؟

ثم لنأت الى المدافعين عن «حقوق» الانسان الذين عرضوا قوانين في مجلس الشعب (أيّ شعب؟) والتي ترمي للدّفاع عن حقوق الارهابيين وصيانة حرمتهم الجسدية، والحال انّ الارهابيين لا علاقة لهم بالانسان الاّ من حيث «المورفولوجيا»! فأيّ انسان يقتل أو يذبح وأيّ انسان يغتصب نساء وفتيات وقع اسرهنّ؟ ان المنظمات التونسية والأجنبيّة المموّلة من قبل حكومات أو جمعيات مشبوهة لا تخدم تونس بما أنّها لا تفكر اطلاقا في أمنها وأمان شعبها بل تخدم ـ عن قصد أو دونه ـ مخططات المتشدّدين والارهابيين، وطبعا كل ذلك باسم حقوق الانسان! وحسب اعتقادي فانّ تعنيف الارهابيين عند الاقتضاء ودون تعذيبهم (لأنّ التعذيب مرفوض انسانيا واخلاقيا) يجبرهم على كشف بعض الأسرار وهو أمر محبذ، فمن يصدّق انّ ارهابيا اغتصب أو قتل أو ذبح أو فجّر سيبوح بكل تلقائية بحقائق حول جرائمه أو جرائم «إخوانه» الظلاميين؟ فأيّهما أهمّ: حماية الشعب أم احترام حقوق الوحوش؟

انّ المنظّمات التونسية والأجنبية التي تدافع عن الارهابيين و«حقوقهم» عوض ان تدافع عن حقوق الضحايا وحق الشعب التونسي وأمن بلادنا انما ترتكب أخطاء فادحة بتوهمها ان حقوق الانسان تشمل أيضا أشرس المدمّرين المتعصّبين  والدّواعش. فأيّ حقّ لمن يسلب كل الحقوق الانسانية؟
انّي أطالب بمراجعة قانون مكافحة الارهاب الذي أقرّه مجلس الشعب والذي حدّد مدّة الإيقاف حماية لحرية الارهابي و«حقوقه» في حين لم يقرّر تحديد منحة قدرها 150.000 دينار على أقلّ لفائدة كلّ عائلة تفتقد أمنيا أو عسكريا امتدّت إليه يد داعش الغادرة!

أطالب بمراجعة قانون مكافحة الارهاب وان كنت على يقين من انّه لا النهضة ولا نداء تونس ولا آفاق ولا الوطني الحرّ على استعداد لمراجعته لأنّ هناك صداقات ومصالح وتحالفات ضمنية تخدم التشدّد وفي الوقت نفسه تزعم دعم حقوق الانسان! مسكينة تونس التي يتحكّم في مصيرها وقوانينها مثل هذه الأحزاب الحاكمة..
من جهة أخرى هناك محامون متخصّصون في الدّفاع عن حقوق الارهابيين فتراهم يجتهدون ويركضون لإيجاد ثغرات قانونية تسمح بإطلاق سراحهم، وقد يحتجّون في بعض أجهزة الإعلام على إيقاف من ارتكب جريمة ارهابية وهم بذلك يسهمون في الإضرار بأمن تونس وبأمن هذا الشعب..
كما انّ هناك أحزابا تحاول تبرير جرائم الارهابيين فتدعو الى قانون التوبة الذي سيسمح لمئات الدواعش بالعودة الى بلادنا وتهديد استقرارها، ثم هناك احزاب تشجّع داعش مباشرة  والحكومة ـ ولأنها ضعيفة ـ لا تحرّك ساكنا وهي بذلك (الأحزاب) تساهم في تكريس العنف والتطرف والارهاب واضعاف الدولة..
انّ الشهداء في قلوبنا وذاكرتنا رغم الخيانات أو عدم الاهتمام بهم بما فيه الكفاية..

.. ورحل العملاق منصف السويسي

أمطرت السّماء نجوما فولد فنان.. رقص منصف وغنى واشعل أضواء الرّكح النائم ثم زرع الجمال والأحلام فولد الكلام..
وذات يوم غادرنا منصف، وعلى وجهه تقاسيم تنبض هيبة وسكينة وأمانا..
رحم الله عملاق المسرحي التونسي الفقيد منصف السويسي.. لقد كان أبرز شخصية مسرحية في تاريخ الفن الرابع حيث أسّس المسرح الوطني وأيام قرطاج المسرحية والفرق الجهوية بصفاقس والكاف والقيروان كما أدار فرقة مدينة تونس وغرس في بعض بلدان الخليج بذور مسرح وطني.
قبل ثلاثة أيام من وفاته كانت لي مكالمة هاتفيّة معه أكّد لي فيها انّه «تعب كثيرا» وكل أمنيته ان يخرج مسرحية «دراما» (وهي من تأليفي) لتفتتح مهرجان قرطاج الصيفي وذلك بعد أن استعددنا ومعنا محمد كوكة لارجاع المسرح الفرجوي الى قرطاج لكن ها انّ القدر يقرّر غير ما أردنا...
ما أتذكّره من عشرات الجلسات مع منصف السويسي الصديق والأخ انّه كان يتمتّع بثقافة مسرحية واسعة وطيّبة قلب لا مثيل لها إذ كان يقدم مساعدات لكبار الممثّلين الذين تعوزهم الحاجة وتقسو عليهم ظروف الحياة.. لقد أعددنا أنا ومنصف السويسي ومحمد كوكة تصوّرا كاملا لمسرحية دراما التي تتطرّق الى العنف والارهاب والجسد والسياسة  لكن نقيب الفنّ غادرنا قبل ان ينجز ما أسماه تتويجا لمسيرته المسرحيّة.. مهما يكن من أمر، سنحاول انجاز هذا العمل الذي ظلّ حلما يراود الرّاحل العزيز.
رحمك الله أخي وصديقي منصف فأنت قامة من القامات المديدة لهذا البلد العظيم.. وعهدا لن ننساك..